أفردت مجلة “الأطام” الصادرة عن نادي المدينة المنورة الأدبي في عددها الأخير ملفا خاصا عن الأديب
الراحل الدكتور محمد العيد الخطراوي و احتلت صورته الغلاف كاملا كما اختارت ” المجلة ” الغلاف الأخير
لآخر أثر له وهي قصيدة كتبها بخط يده قبل وفاته بوقت قصير بعنوان “هكذا نحن التقينا ونعمنا باللقاء ” .
وخصصت المجلة ثلث إصدارها (30 صفحة من عددها) الأخير في تأبين الدكتور الراحل وشارك في ذلك
كل من رئيس نادي المدينة الأدبي الدكتور عبدالله بن عبدالرحيم عسيلان و عضو نادي المدينة الأدبي
عبدالفتاح أبو مدين وعضو مجلس الشورى نايف الدعيس الشريف و الكاتب الصحفي و المؤرخ في تاريخ
المدينة عاصم حمدان ورئيس تحرير صحيفة البلاد على محمد حسون و الباحث الأكاديمي مرزوق بن تباك .
و في الوقت الذي أعتبر الكاتب والمؤرخ عاصم حمدان الأديب الراحل الخطراوي آخر من سقط من أغصان
و ثمار الدوحة الأدبية التي عملت على ترسيخ العلم والفكر والثقافة بالمدينة ، قال رئيس النادي الأدبي
الدكتور عبدالله عسيلان بوفاة الخطراوي انطفأت شمعة تتوقد بالعلم والمعرفة والأدب ، ففي عام 1373 هـ
اجـتـمع الراحل مع نخـبة من رجال الأدب بالمـدينة على ضفاف وادي العقيق المبارك و أنشأوا نادياً ثقافياً
عرف بأسرة الوادي المبارك لا يزال يتناوب منبـره تلاميـذهم من المثقفين والأدباء هذا وقد دعا عضو نادي
المدينة الأدبي عبدالفتاح أبو مدين تلاميذ الخطراوي و محبيه للحفاظ على إرثـه و مواصلة مسيرته الأدبية
و قال : أسهم الخطراوي مع لفيف من مثقفي المدينة في الحركة الثقافية و الأدبية قبل تأسيس الأندية
الأدبية و كان شعلة من النشاط المتواصل شعراً و أدباً و نقداً .
وعن مكانة الراحل الأدبية قال عضو مجلس الشورى نايـف الدعيس فقدنا امام للغـة العربية و أحد رموز الثقافة
و رجلاً يندر تكراره على الساحة الثقافية . و وصفه رئـيس تحرير صحيفة البلاد علي الحسون بأنه أحـد حـراس
اللـغـة و رجالها المـخـلصين الذين أولـوها جـل اهتمامهم ، و قال كان الخطراوي شاعراً فـذاً له مفرداته و ناقداً
شرساً لا يتخاذل عن إبداء رأيه و نزاعاً إلى السخرية في أحاديثه و ذهب الباحث و الأكاديمي مرزوق بن تنباك
بنعته بأحد رموز الأدب الذين فقدهم المشهد الثقافي وقال عنه أفنى حياته في خدمة الأدب وساهم بفاعلية
في تنشيط الحراك الثقافي ، و خصص جزءا كبيرا من حياته للتاريخ والتوثيق .
و استعرضت “الأطام ” دراسة فنية لتجربة الدكتور الخطراوي بقلم الناقد محمد صالح الشنطي والذي أكد على
أن (الخطراوي ) علم من أعلام الأدب السعودي المعاصر ، تميـزت مسيرته الأدبية بغنى الروافد و غـزارة الإنتاج
و انتظام العطاء على مدى زمن ناهز النصف قرن في شتى الأجناس الأدبية .
وعن تجربته الأدبية قال الشطي وقـف الخطراوي في مواجـهة الغـمـوض الكثيف الذي أصاب القصيدة و جعل منها
ظاهرة مستغلقة الفهم احيانا ، و بسبب فهمه للشعر فهماً مغايـراً لـفهم شعراء (الحداثة ) فهو ينظر إلى الشعر
و ارتباطه بالتراث الجمالي و بتيار الحياة المتدفق يتصالح مع الـذوق العام ، و لا ينـدّ عنه و لا يتعالى على الشرائح
ذات الثقافة المتوسطة و يتعامل مع المناسبة واستطاع الخطراوي أن ينتقل تدريجياً من الشكل التناظري للقصيدة
إلى التفعيلة ، و لكن منطق (التعبير) ظل مدخله إلى الممارسة الإبداعية و كانت قضية التشكيل هماً من همومه
الأساسية .
يذكر أن مجلة “الأطام” والتي يشرف عليها رئيس النادي الأدبي الدكتور عبدالله عبدالرحيم عسيلان ويرأس تحريرها
الأستاذ سليمان سالم السناني ، تدخل بإصدارها هذا عامها الرابع عشر بهيئة تحرير جديدة واشتمل عددها الأخير
(41) على التنوع الثقافي لعدد من الكتاب البارزين إذ شاركت كل من مها عبدالعزيز ، و نورة العقيل ، وليلى الأحيدب
و علي الزهـراني ، و فراس عالم ، و صلاح القرشي ، و جاسم الصحيح ، و عدد من الكـتاب المعروفين الذين طرحــوا
موضوعات إعلامية و ثقافية متنوعة كما قامت المجلة بنشر لوحات فنية بباطن الغلاف الأول و الأخير للفنان التشكيلي
عبدالله علي البراك , و كانت “الأطام ” قد افتتحت عددها الأخير بصورة للفقيد الراحل الخطراوي وهو يعتلي منبر نادي
المدينة الأدبي و نـعـته بمقطع من قصيدة قديمة له ذيلت بها صورته :
وأنّا اتـخـذنا القرارا
بأن لا نموت صغارا
وأن نـصرع الـمـوت
أو فلنمت واقفين ككل الشجر
جدة – سامي حسون
http://www.albiladdaily.com/news.php?action=show&id=113821