بقلم : صالح الحسيني ( اللجنة الثقافية )
( الهجرة النبوية في الأدب العربي )
اللجنة الثقافية – نادي المدينة المنورة الأدبي.
بحضور لفيف من أدباء ومثقفي المدينة المنورة
انطلقت مساء الأحد الموافق : ٢ / ١ / ١٤٤١ هجرية أنشطة الموسم الثقافي بالنادي الأدبي بالمدينة المنورة لهذا العام، حيث بدأت بأمسية تزامنت مع مطلع العام الهجري الجديد، قدم فيها الدكتور: شكري سمارة و رقة بعنوان: ” الهجرة النبوية في الأدب العربي “. قال في بداية الأمسية: في هذا اللقاء نتذكر حدثا” جللا”، و نأتي بما جاد به المبدعون مما رواه الشعراء
و في البدء فصل في معاني الهجرة مبينا”: أن الهجرة في اللغة تعني التحول، و أن هناك: هجرتان قبل الهجرة النبوية: هجرة إلى الحبشة كان فيها عدد من الرجال و النساء، و الهجرة الثانية فيها ما يقارب عدد من ٨٠ رجلا” و امراة.
و أن الهجرة إلى المدينة حرص فيها الرسول – صلى الله عليه و سلم – أن يهاجر معظم أصحابه قبله. وقد خطط لها الرسول – صلى الله عليه و سلم – بدقة ، و من الأمور الدقيقة فيها
الذهاب أولا” إلى جنوب مكة بعيدا” عن الأعين.
و فيما يتعلق بموضوع كتابة الشعر عن الهجرة النبوية عند كثير من الشعراء ذكر سمارة : أن الشعراء في تناولاتهم للهجرة كانوا ينظرون إليها من زوايا متعددة منها : مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، و ذكرى الهجرة في كل عام ، و عن المعجزات التي حدثت أثناء رحلة الهجرة كموقف سراقة بن مالك حينما غاصت قدماه في الرمال، و مرور النبي – صلى الله عليه و سلم – بخيمة أم معبد ، و موضوع الوصول إلى المدينة المنورة ، و هو من أهم الموضوعات التي تناولها الشعراء حيث كان للمدينة القسط الأكبر في القصائد، و ما جرى فيها من المؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار التي خلدها الشعراء و جسدوها في حب المدينة.
و من تلك القصائد : قصيدة للشاعر : أحمد عمر هاشم ، يقول فيها:
يا أكرم الخلق جئنا صوب ذكراك
و القلب بالحب و الإخلاص ناجاك
نهوى مدينتك الزهراء يدفعنا
وجد وشوق وتحنان لرؤياك
كان اسمها يثرب من قبل هجرتكم
فأصبحت طيبة من بعد رؤياك
قد أصبحت طيبة لما سكنت بها
و روضة من جنان الخلد تهواك
تعطرت أرضها لما خطوت بها
و صار مسكاً ثراها عند مثواك
من أرض طيبة نور عمّ عالمنا
بشراك يا عالم الإسلام بشراك
فما تجمل رسل الله من خُلق
ومن فضائل بعضٌ من سجاياك
إنا نحبك عن بعد و عن كثب
و ما نسيناك يوما” أو سلوناكا
و من القصائد: قصيدة أخرى تمثل معارضة شعرية – تقليد – بالمعنى النقدي لإحدى قصائد الشاعر أحمد شوقي، و قد ألقيت هذه القصيدة في المسابقة الشعرية في مدح الرسول – صلى الله عليه و سلم -، التي نظّمها القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية في العام 1979م وذلك لموافقته للعام 1400هـ ،
و جائت بمناسبة مرور 14 قرنًا على الهجرة النبوية – على صاحبها أفضل الصلاة و التسليم – و الدخول في القرن الـ 15 هـ ، و كانت المفاجأة هي فوز الشاعر السنغالي ( عبدالله با ) بالمسابقة في قصيدته المشهورة التي يقول فيها:
هجرتَ بطاحَ مكّة والشّعابا….. وودّعت المنازل والرّحابا
تَخِذْتَ من الدّجى يا بدرُ سِتراً….. ومن رَهَبُوت حِلْكته ثيابا
فكيف تركت خلفك كلّ شأن….. وغادرت الأحبة والصّحابا
وشرُّ مواطن الإنسان دارٌ….. يرى من أهلها فيها عذابا
يناديهم فلا يلقى سميعاً….. ويدعوهم فلا يجد الجوابا
صبرتَ وكلُّ داعية يلاقي….. من الأهوال ما يوهي الصِّلابا
تمرُّ بك الحوادثُ وهي كَلْمي….. كأن مِزَاجها الصّخريَّ ذابا
فما ألقيت من رهب سلاحا….. ولا خلّيت من نصَبٍ حِرابا
تزيدك كلُّ حادثةٍ ثباتاً….. وصبراً في المواقف وانكبابا
أتعرف دعوةً لله قامت….. وكان قوامها شهْداً مُذابا
سبيلُ الحق قد حُفّتْ بشوكٍ….. ولم تُملا على دَعةٍ رِضابا
نَبتْ بكَ أرضُ مكّة وهي أوفى….. وأرحب في سبيل الشّرك بابا
وضاقتْ في الحنيفة من إلهٍ….. وما ضاقت بآلهة جَنابا
أما عُبِدتْ بها عُزّى قديماً….. أما شبّ الضلال بها وشابا
لقد وسَعت من الأديان بُطلاً….. ولم تسعِ الحنيفةَ والصّوابا
ومن عجبٍ تسيء إليك أرضٌ….. شبَبْتَ فما أسأْت بها شبابا
منازلٌ كنت تنزلها طهوراً….. وتلقى الوحي فيها والكتابا
فما عرفوا عليك بهن نقصاً….. ولا أخذوا عليك بهن عابا
تقوم الليل في جنبات غارٍ….. وتقطعه زكاةً واحتسابا
تزلزل بالدعاء ذُرى حِراء….. فلولا اللهُ يمسكه لذابا
لقد آذاك أهلٌ في حماهم….. فكان أذاهمُ العجبَ العُجابا
رمَوْا والله صانك من أذاهم….. فأخطأ سهمُ راميهم وخابا
فلا ترجو السلامة من قريبٍ….. ولا تأمن من الأهل انقلابا
و ذكر سمارة قصيدة للشاعر هشام عبد الفتاح الحمصي التي يقول فيها:
يا نازل الغـار و الأعداء تنتظـر
لا تخش كيدا” فإن الحق منتصــر
و لن تقوم لدعوى الشرك قائمـــة”
مهما تجمع أهل الشرك و أتمــــروا
خرجت تتلواو باب الدار مزدحم
في حثوة منك غاب السمع و البصر
فأصبحوا و تراب الخزي فوقهـم
نجا الأمين فما أجداهم السهر
لله ساروا و عين الله تكلـــــــــــــــــؤه
إلى المدينة فيها تلتقي الزمــــــــــــر
إنا اجتمعنا لنحيي ذكر هجرتكـــــــم
فقد دعانا إلى تذكارها عـــــــــــمــــر
ذكرى ارتضاها فلا ءكرى تزاحمها
تبلى الحوادث لكن ذكرها عطـــــــر
أضحت بداية تاريخ يجـــــــــــددها
مر السنين و منها تؤخد العبـــــــــــــــر
مع الهلال ببدء العام طلــــــــــعتها
يا غرة النصر أحيا ذكرك القمـــــــــر
فاطلع بها ياهلال العام مزدهــرا”
كلاكما النور في الأجواء ينتـــــــــشر
و اقصص على الجيل أخبار الألى هجروا
ديارهم و على التغريب قد صبروا
كما أورد ضيف إلقاء قصيدة ” حداء الهجرة ” للشاعر السعودي عبد الرحمن العشماوي و من أبياتها :
تسري فيرتاح الظلام من السرى
و يفر من أجفان أنجمه الكرى
و يفيض وجه هلاله بسعادة
فيصير حين يراك بدراً نيرا
و يراك مصدر ما صفى من نوره
أعظم بنور كنت فيه المصدرا
يلقي إليك الرمل ألف تحية
و لو استطاع لصار حقلاً أخضرا
و الغار يصبح واحة” من فرحة
لما يرى في ليل وجهك مسفرا
ما ضمك الغار المحب و إنما
ضم الندى و الغيث حتى أزهر
اظن النبوة منبعاً يجري على
أرض الكرامة والأمانة كوثرا
تسري فيورق كل غصن ذابل
و يصير من بعد الجفاف الأنضرا
و يدر ضرع الشاة و هي هزيلة
لبناً ألذ لشاربيه وأوفرا
أسرجت خيل الحق في غسق الدجى
و خرجت و التاريخ يبصر ما يرى
فمررت من بين الرجال كأنهم
خشب و سلمت الأمانة حيدرا
احثوا التراب على الرؤوس و لا تخف
فعيون من وصدوا طريقك لا ترى
تسري فيهتف من قباء هاتف
شغفاً و يلقاك العقيق مكبرا
هذه ثنيات الوداع تألقت
لما رأت ليل المدينة مقمرا
ماذا أقول إذا كتبت مدائحي
إني أراك من المدائح أكبرا
فأقول ما يرضي عقيدتك التي
أجريت منها في المشاعر أنهرا
فلأنت عبد الله أنت رسوله
يرضيك أن تدعى بذاك و تذكرا
و قصيدة للشاعر العراقي : وليد الأعظمي. تقول أبياتها:
يا هجرة المصطفى والعين باكيـةٌ
والدمـع يجـري غزيراً من مآقيها
يا هجرة المصطفى هيّجت ساكنةً
من الجوارح كــاد اليأس يطويهـا
هيجـت أشجاننا والله فانطـلقت
منا حناجرنا بالحـزن تأويهــا
هاجرت يا خير خلق الله قاطبــةً
من مكـــةً بعد ما زاد الأذى فيها
هاجرت لما رأيت الناس في ظلـم
وكنت بــدرا مـــنيراً في دياجيهـا
هاجرت لما رأيت الجهل منتشـراً
والشــر والكفـــر قد عمّا بواديهـا
هاجرت لله تطوي البيد مصطحبا ً
خلاً وفـــيـاً .. كريم النفس هاديها
هــــو الإمـــام أبو بكـــر وقصتــه
رب السماوات في القرآن يرويها
يقول في الغار ” لا تحزن ” لصاحبه
فحســــبنا الله : ما أسمـى معــانيهـا
هاجرت لله تبغي نصـر دعوتنا
وتســأل الله نجحـاً في مباديهــا
هاجرت يا سيد الأكوان متجهاً
نحو المدينــة داراً كنت تبغيها
هذي المدينة قد لاحت طلائعـها
والبشـر من أهلها يعلو نواصيها
أهل المدينة أنصـار الرسول لهم
في الخلد دور أُعدت في أعـاليها
قد كان موقفهم في الحق مكرمة
لا أستطيع له وصــفاً وتشبيهــا
و في ختام الأمسية قدم الدكتور شكري سمارة شكره للنادي الأدبي بالمدينة على دعوته للمشاركة بهذه الورقة الأدبية. وقد حظي اللقاء بالإثراء المعرفي من خلال تعليقات بعض الحاضرين منهم : المهندس يحيى بن سيف سعيد ، و الأستاذ أحمد الحسيني ، و الأستاذ محمد البرقاوي ، و الأستاذ أحمد القرني.
أحمد الحسيني في مداخلته
جانب من الحضور