مالك بن نبي
محفوظ: جمود فكر مالك بن نبي يهدد باندثاره وسقوط نظرياته
خالد الطويل – المدينة المنورة
عد الباحث والمهتم بقضايا الفكر الإسلامي محمد محفوظ أن جمود فكر المفكر الإسلامي الجزائري الراحل مالك بن نبي وتكلسه في الطور النظري الجامد يجعله مهددا بالاندثار وسقوط نظرياته، مشيرا إلى أنه ارتكب أخطاء منهجية تكاد تنسف نظرياته، على الرغم من كونه قامة فكرية كبيرة.
التجربة التاريخية
وسجل محفوظ خلال ورقته التي قدمها في صالون الوادي المبارك في أدبي المدينة أمس الأول، ويشرف عليه عضو عمومية النادي فهد السليمي، عددا من الإشكالات على مشروع ابن نبي بدأها بما أسماه العينة البحثية غير المستقرة، في حديثه عن شرط النهضة كمفكر يعنى بالتجربة التاريخية بعيون خلدونية حيث تجده سرعان ما تخلى عن تلك الروح ووقع في نقيضها.
وعد المحاضر حديث ابن بني عن الخلاص الحضاري من أخطائه المنهجية حين حاول تكييفه دون الرجوع إلى التاريخ، وهو العارف به فاعتبر الرجوع إلى الدين أهم بواعث النهضة متجاوزا شواهد التاريخ من خلفه، والتي نجد أن الأوروبيين الذين شهد هو بنفسه فتوة حضارتهم قد انسلخوا من الدين إلى الثقافة المستوحاة منه بل وكيفوه وفق الحضارة وليس العكس.
أما من ناحية التفكيك الواقعي فقال محفوظ: من المعلوم أن النهضة الحضارية والعلمية الأوربية قامت على أكتاف كل الأجناس والأديان بما فيها المسلمة.
وهي بذلك تكتسي روح الحياد العلمي على نقيض الحضارات الدينية.
سقوط القوالب
ورأى محفوظ أن تشبيه ابن نبي للحضارة الغربية بسابقاتها يعد عجزا منه عن استبصار طبيعة الحضارة الغربية، وخصائصها التي تميزت بها عن سابقاتها، مشيرا إلى أنه قولب الكثير من الآراء التي تسقط بسقوط أساسها، ومن أهم النظريات التي بنيت على ذلك القياس على نظرية الدورة الحضارية، فمن المعلوم أن الحضارات لم تكن متزامنة ولكنها ما انسلخت من أمة إلا تلبست أخرى، إلا في حالات نادرة.
وأوضح محفوظ أن مالك بن نبي حين اعتقد بقانون الدورة الحضارية لم يدرك أنه في أوج حضاري قائم يستدعي التنبؤ بأن الدورة لا بد أن تأخذ أطوار النمو التي شبهها في مكان آخر بأطوار نمو الإنسان، مشيرا إلى أنه وقع في الأنا الحالمة عاطفيا وليس علميا.
اعتراضات وانتقادات
وقد واجهت قراءة الباحث محمد محفوظ كثيرا من الاعتراضات، حيث قال رئيس أدبي المدينة الدكتور عبدالله عسيلان: لا بد من أن نقرأ مالك بن نبي باللغة التي كتب فيها، مشيرا إلى أن من أهم كتبه الظاهرة القرآنية التي كتب مقدمتها العلامة محمود شاكر.
وذهب الدكتور يحيى البيضاوي إلى أن ابن نبي نسيج لوحده اختط لنفسه خطه في التفكير، وحين كان العالم الإسلامي يموج بالدسائس ركز ابن نبي على موضوع الحضارة باعتبار الإسلام جزءا من هذه الحضارة، وراح يبحث عن الأسباب التي تجعل الحضارة تسقط وتنبثق.
واعترض البيضاوي على ما أسماه المحاضر بتوثين مالك بن نبي، مؤكدا أنها ليست مشكلة ابن نبي وإنما مشكلة العقل العربي، الذي لا يهتم إلا بالأموات، حيث كان ابن نبي في حياته منبوذا حتى من المقربين لديه، ومن بعض أعضاء الحركة الإسلامية في مصر، فانتقده سيد قطب، واليساريون في الجزائر اعتبروه درويشا، ولم يتم الاهتمام به إلا أخيرا لأننا لا نهتم بالأحياء.